شاعرات يتسولن شعرا ..!!


قديما كنا نقرأ الشعر بثقة كبيرة دون أن يراودنا الشك ولو للحظة بأن كاتب هذا الشعر ليس صاحبه كنا نقرأ الشعر بطمأنينة عالية , نتمتع بجمال الشعر بأبياته بمفرداته نشارك الشاعر تلك الشاعرية الشفافة التي رسمها في أبيات قصائده , كنا نقرأ ونحن نعيش نشوة الفرح مع أبيات الشاعر ,


ولكن ربما تلك الأيام تبخرت وتلاشت في زحمة الأشعار التي بات يتغنى بها الجميع وكأن الجميع خلقوا ليكونوا شعراء ... ماذا حدث ؟ما هذا الالتصاق بالشعر وأهله ؟! لماذا أصبح الجميع يريد أن يكون شاعرا ؟ويعتقد أنه يمتلك هذه الموهبة ؟!


هل طعم الشهرة لذيذ لهذا الحد .... هل حين تكون تحت الأضواء تشعر بارتفاع هرمون الأنا الذي أصبح يعاني منه الجميع؟! ربما نستثني الشعر الفصيح هنا لقلة رواده في هذا العصر والتجارة بالفصيح هي تجارة خاسرة لحد ما لأنه يتطلب دراسة نحوية عميقة من الشاعر ومن يلقي الشعر بلسانه...


فليس من السهولة بمكان أن تتاجر بالفصيح وإن كان كذلك عليك أن تقرأ القصيدة مئات المرات وتفهم معانيها حتى لا تثير الشكوك حولك بأنك فقط تردد كالببغاء ولا تفقه مما تقول...


أما بالنسبة للشعر النبطي فالأمر مختلفا تماما وربما أسهل بكثير أن تقول قصيدة نبطية أمام الملأ وإن لم تكن كاتبها كما تفعل بعض الشاعرات في الشعر النبطي وأصبحت المنتديات المهتمة بهذا النوع من الشعر تهيل عليهن بالسب والسخرية بعد أن أصبح الشعر فعلا في نظر من يدعى الشاعرية تجارة بيع وشراء


في مقال لها اسمه : " أنقذوا الشعر من المستشعرين"
تقول الشاعرة العمانية أصيلة السهيلي وهي شاعرة لها وزنها في الساحة الشعرية العمانية والخليجية وهي مقدمة برنامج إذاعي اسمه "عطر الليل"

"كنت وعلى سنوات مضت أمتلك قناعات معينة حول شاعرية المرأة والدفاع عنها . ليس لأنني شاعرة وواحدة منهن ولكن لقناعتي بأن القصيدة«ذات وشعور» ويجب احترام صاحبها!!الآن تغيرت قناعاتي وأدركت بأن أي إنسان لا يمتلك الموهبة باستطاعته أن يتصنعها وبسهولة بل ويستغفل بها الآخرين بمنتهى البساطة"!!


تضيف الشاعرة في مقالها : "لا أود تجريح أي أحد وأتحدث عن أشخاص وأسماء معينة ولكن ما نراه في ساحة الشعر الشعبي من استخفاف بالعقول واستغفال والسكوت عن الحق... وهنا أعني حق ) الشعر (!!....
لنبدأها بشاعراتنا واللاتي بدأن بدخول الساحة من أوسع أبوابها ونوافذها . لم يكن هذا الدخول يحتاج نوعا من العناء والجهد ولا يحتاج سوى بعض التنازلات فقط!!
كنت أحاول أن أستوعب كيف تستطيع شاعرة أن تستغفل الآلاف المؤلفة من البشر وإقناعهم بشاعريتها وهي لا تمتلك من الشعر إلا إسمه .. شاعرة صفق لها الجمهور واستدارت حولها الأضواء والكاميرات وانهالت عليها اللقاءات والحوارات .. تساقط حولها المعجبون والمعجبات !!!.

كنت أرى بنفسي«مع سبق الإصرار والترصد» وأقرأ بأم عيني جريمتها في«حق الشعر» ورسائلها التي تستغيث بها للشاعر الفلاني بكتابة نص للمناسبة الفلانية والمقابلة الفلانية والمهرجان الفلاني.. حتى لم تخل رسائلها من طلب قصيدة لمناسبة خاصة تستلم من بعدها آلاف المبالغ الهائله نظير مشاركتها.... تخيلوا....!!
وأخرى اختارت كاتبها من خارج وطنها حتى لا تنكشف يوما وتصاب بسكتة.. أن انكشف الامر يوما!!
عشرات القصائد والأبيات نقرأ لها ونقول الله ما أروعك!! "


أيعقل أن المشاعر توهب وتباع ؟ أيعقل أن أردد شعرا ليس لي وأنسج من هذا الوهم خيوطا ألف بها نفسي واحشر اسمي مع بقية الشعراء والشاعرات ورأس مالي في الشعر بيت مكسور وقافية عرجاء , لكي أنال دراهم معدودة أو لكي أعيش فرحة الأضواء... أو تصفيق حار يضج أركان القاعة التي حشوتها أكاذيب من الأحاسيس المصطنعة والمشاعر المزيفة التي لا تلامس قلبي لا من قريب ولا من بعيد.....وكأني دمية صماء أنطق بإحساس الآخرين وأمثلها في القاعة أمام الجمهور ....هل فعلا حينها أشعر بالفرحة ؟!وأستطيع أن أرى صورتي في ألمرآه دون خجل من نفسي ؟!لعل بعض الضمائر تموت أمام طعم النجاح المزيف


هنا تتساءل الشاعرة أصيلة السهيلي في مقالها :" برأيكم كيف نستطيع الحد من هذي الجرائم.. أنا لم أذكر سوى نماذج بسيطة فهناك الكثير والكثير في الساحة الأدبية ما تحدق له الأعيان وتصمت عليه الأفواه.. خوفا من إثارة البلبلة والحروب ... ويتهمنا البعض لعدم وجود الأدلة.. إذاً لنصمت ونتفرج على جرائم النصب والاحتيال من قبل أصحاب الضمائر الميتة... وشعراء وشاعرات «البطيخ»!!"


أن ما تضج به الساحة الشعرية النبطية اليوم من أسماء لامعة تكتشف بعدها أن تلك الأسماء ما هي إلا أسماء فارغة خاوية لا تحمل شعرا ولا فنا !! فقط أسماء زجاجية قد تكسر بسهولة حين حشرت نفسها في شيء لا يعنيها ....يكون وقتها المتضرر الوحيد من هذه الخيانة هو الشعر نفسه .... ويترتب على هذه الخيانة غياب ثقة الجمهور في الشعراء والشاعرات الذين يسيروا في هذا الطريق المظلم ويتشدقون بشاعريتهم الكاذبة


كم من الأسماء لمعت في سماء الشعر!!! والشعر منها براء
حين ترى مقابلات تلفزيونية لشاعرات توهمن أنهن كذلك وهن لا يحفظن من شعرهن إلا القليل وبقية الأبيات من ورقة بيضاء ,,, تشعر أنك تقرأ في عيونهن ارتباك وكذب يظهر لنا جليا من خلف قناع الماكياج المزيف بأن ذاك الشعر ليس لهن
أليس من يقول الشعر أجدى له أن يحتفظ به في وجدانه ؟! ربما ليس دائما ولكن الأغلب يحفظ ما يكتب كما أعتقد....


تعددت طرق النصب والاحتيال في حق الشعر ... فالبعض بات ينصب على الشعر بالنشر في المجلات وبالتالي يستخف بعقول القراء والبعض ينصب على الشعر من خلال الإلقاء في الأمسيات فيستغل تصفيق الجمهور لكذبه الملون بألوان الإجرام في حق ما يسمى الشعر....


لهذا كنت أظن في لحظة غياب الضمير أنها لا تتجاوز سرقة مرة أو مرتين أو ثلاث ولا تتجاوز إلا مسح الاسم الحقيقي وإبقاء اسم السارق ولكن أرى في الشعر النبطي قد تجاوز الوضع غياب الضمير ليصل الأمر لتمادي والاستمرار في الكذب والتمثيل وإدعاء الشاعرية الوهمية لفترة طويلة رغم أن القناع قد سقط وانتهى الأمر ... ربما إدمان الأضواء يجعلك من الصعب جدا التخلي عن هذا الميدان بسهولة , فيدفعك إلى الاستمرار مهما كان الأمر مكشوفا للعيان ...


أيه أيها الشعر خانوك يا سيدي ,,
ليتهم .... رموك في غياهب الجب وحيدا حتى يأتي السيارة من العابرين يقدرونك ويرفعون من شأنك ...
ليتهم .... جعلوك مقيدا بسلاسل العزلة ليأتي من يفك قيدك
ويعتني بك من ألسنة العابثين ...
ليتهم .... أغرقوك وتركوك حتى يأتي قارب النجاة ليحملك على شراع الصدق دونما زيف أو كذب ....


بقلم/ آهات قلم

هناك تعليقان (2):

  1. ما أكثرهم هذه الأيام .. في كل مجال وفي كل تخصص هناك دائما من يتسلق ويتطفل على أنتاج الأخرين..

    ردحذف
  2. هكذا من أراد الشهرة بسهولة دون عناء

    ردحذف